الإسلام دين عالمي و ليس ديناً عربياً
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الإسلام دين عالمي و ليس ديناً عربياً
[color:45d6=blue:45d6]الإسلام دين عالمي و ليس ديناً عربياً
الإسلام دين عالمي و ليس ديناً عربياً :
من يتدبر القرآن الكريم يجد التأكيد القرآني على عالمية الدين الإسلامي و الرسالة المحمدية قوياً جداً ، إلى جانب ما تؤكده الأحاديث الشريفة من أن الله عَزَّ و جَلَّ قد أرسل رسوله النبي محمد المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ـ كما أرسل القرآن ـ إلى العالمين أيضاً ، و ليس للبشر خاصة ، و إليك نماذج من هذه النصوص :
قال الله تعالى : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [1] .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [2] .
الأحاديث الشريفة تؤكد عمومية الخطاب الإلهي :
أما الأحاديث الشريفة التي تصرح بعمومية الخطاب القرآني و الشريعة المحمدية فكثيرة هي أيضاً ، و إليك نماذج منها :
قال الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) ـ في خطبة له في يوم الجمعة ـ : " ... وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه و آله ) عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ خِيَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، اخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ ، وَ اصْطَفَاهُ لِوَحْيِهِ ، وَ ائْتَمَنَهُ عَلَى سِرِّهِ ، وَ ارْتَضَاهُ لِخَلْقِهِ ، وَ انْتَدَبَهُ لِعَظِيمِ أَمْرِهِ ، وَ لِضِيَاءِ مَعَالِمِ دِينِهِ ، وَ مَنَاهِجِ سَبِيلِهِ ، وَ مِفْتَاحِ وَحْيِهِ ، وَ سَبَباً لِبَابِ رَحْمَتِهِ ، ابْتَعَثَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ، وَ هَدْأَةٍ مِنَ الْعِلْمِ ، وَ اخْتِلَافٍ مِنَ الْمِلَلِ ، وَ ضَلَالٍ عَنِ الْحَقِّ ، وَ جَهَالَةٍ بِالرَّبِّ ، وَ كُفْرٍ بِالْبَعْثِ وَ الْوَعْدِ ، أَرْسَلَهُ إِلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ بِكِتَابٍ كَرِيمٍ ... " [3] .
و روى الإمام الحسين بن علي ( عليه السَّلام ) عن أبيه أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) ـ في حديث طويل يشرح فيه فقرات الأذان ـ أنهُ قَالَ : " ... وَ أَمَّا قَوْلُهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ، يَقُولُ أُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ نَبِيُّهُ وَ صَفِيُّهُ وَ نَجِيبُهُ أَرْسَلَهُ إِلَى كَافَّةِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿ ... بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [4] ، [5] .
و رُوِيَ عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه و آله ) إِلَى الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ ... " [6] .
و رُوِيَ عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السَّلام ) أنهُ قال ـ في حديث طويل ـ : " وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ ... " [7] ، إلى غيرها من الأحاديث الكثيرة .
من شبهات خصوم الإسلام ضد عالمية الخطاب القرآني :
منذ عقود من الزمن و خصوم الإسلام و أعدائه يجهدون في إثارة الشبهات ضد عالمية الدعوة الإسلامية و التشكيك في شمولها لجميع أفراد البشر ، في محاولة لتصوير الدين الإسلامي ديناً خاصاً بالعرب ، بل بالذين كانوا يعيشون في الجزيرة العربية حين نزول القرآن ، كل ذلك لأجل حصر الدين الإسلامي في حدود إقليمية أو قومية ـ أو غيرها من الحدود الضيقة ـ منعاً من انتشاره و الحيلولة بينه و بين شعوب العالم و منع هذه الشعوب من أن تتعرف على أفكار هذا الدين و رؤاه النيرة .
و من هذا المنطلق فهم يطرحون الشبهات الواحدة تلو الأخرى ، فتارة نجدهم يقولون : لماذا أنزل الله عَزَّ و جَلَّ القرآن الكريم باللغة العربية ؟ أ ليس هذا دليلاً على أن الإسلام دين يخص العرب فحسب ؟!
و تارة نجدهم يشككون في عالمية الدعوة الإسلامية بقولهم : إذا كان الدين الإسلامي ديناً عالمياً شرعه الله جَلَّ جَلالُه للبشرية جمعاء كما تقولون ، فلماذا نجد الصبغة العامة لآيات القرآن الكريم هو الاهتمام بالانسان العربي و بكل ما هو موضع اهتمامه ، و خاصة بالانسان العربي الذي كان يعيش في الجزيرة العربية عند بدأ الدعوة الإسلامية و انتشارها ؟!
و نجدهم يحاولون إثبات مُدَّعاهم من خلال قولهم : عندما يتحدث القرآن عن نعيم الجنة فلماذا يتحدث عن الأشياء التي كانت موضع اهتمام أو طموح من كان يعيش في الجزيرة العربية الجرداء التي كان الماء و الشجر و الفواكه فيها عملة نادرة و عزيزة ، حيث نجد القرآن يتحدث عن الجنات التي تجري من تحتها الأنهار ، أو يتحدث عن النساء بصورة عامة ، و عن حور العين ـ بأوصافها الخاصة ـ بصورة مركزة ، و هي من الأمور التي كانت موضع إهتمام العرب آنذاك ، أما غير العرب من الذين كانوا يسكنون الشامات و جنوب أوربا و مصر و غيرها من البلاد العامرة الغنية بالثروات الزراعية ، و المياه و الأنهار ، و المأكولات الشهية ، و النساء الحسناوات ، و غيرها من مظاهر الترف و الزينة و الرفاهية ، فقد لا تكون وعود القرآن الكريم ـ الجنة و نعيمها ـ شيئاً جديداً بالنسبة لهم ، و قد لا ينال منهم اهتماماً كبيراً ، فأ ليس هذا دليلاً واضحاً على أن الإسلام و القرآن خاص بعرب الجزيرة العربية ، حيث أنهم المقصودون في القرآن دون غيرهم من الأمم و الشعوب ، خاصة المتحضرة منها في عصرنا الحاضر ؟!
ردنا على هذه الشبهات :
أما ردنا على هذه الشبهات ـ بصورة مختصرة ـ فيكون من خلال الإجابات التالية :
ألف ـ إن ما جاء في القرآن الكريم من ذكر أنواع النعم التي أعدها الله عَزَّ و جَلَّ للمؤمنين و المؤمنات في الجنة جزاءً لهم على حُسن أعمالهم كالأشجار المثمرة و الفواكه و اللحوم و النساء ، و الولدان المخلدون ، و غيرها من النعم التي ذكرها القرآن بأوصاف خاصة ليست الا من باب ذكر النماذج فقط .
باء ـ مضافاً إلى أن النعم المذكورة في القرآن و المشار اليها في السؤال هي نعم و مواصفات يلتذ منها عامة الناس و غالبيتهم ، و ما يُصوره البعض من أنها ليست مما تنال إهتمام الجميع ليس صحيحاً ، فالانهار و العيون و الأشجار و الزرع و النخيل و الأعناب و العيون السوداء مما يرغب فيه جميع الناس و ليست من مختصات بيئة خاصة .
جيم ـ كما و أن وصف نعيم الجنة الوارد في القرآن إنما جاء في الغالب بألفاظ عامة و شاملة من دون تحديد كالأمثلة التالية :
قال جَلَّ جَلالُه : ﴿ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [8] .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [9] ، إلى غيرها من الأمثلة العامة الكثيرة ، فقد ذكر القرآن الأطعمة و الأشربة بصورة عامة في الغالب ، و مثل لها ببعض الأمثلة ليتلمسها المستمع القريب أيضاً .
دال ـ مضافا إلى أن الفواكه المذكورة كالأعناب و النخيل ليست خاصة بالجزيرة العربية وحدها ، فالعنب ينمو في أكثر نقاط الكرة الارضية ، و النخيل ينمو و يثمر في رقعة واسعة من العالم و لا يختص بالجزيرة العربية ، فالعراق و إيران و الخليج و شمال أفريقا ، و مناطق من الشام و فلسطين و جنوب اوربا ، و غيرها من البلاد هي مواطن طبيعية للنخيل .
كما و أن القرآن يتحدث أيضا عن مطلق النبات و الزرع في كثير من الآيات قبل و مع و بعد التحدث عن الأعناب و النخيل .
قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [10] .
كما و أن الزيتون و الرمان كذلك ينموان في مناطق كثيرة من العالم كأسبانيا و اليونان و غيرها و لا يختصان بالجزيرة العربية ، كما هو واضح .
هاء ـ هذا مضافاً إلى أن الله عَزَّ و جَلَّ ذكر في القرآن الكريم أنواعاً أخرى من النعم الكثيرة ـ غير الفواكه و الأنهار و ما شابههما ـ بأوصاف غير محددة بحيث تشمل نعماً تتوافق مع جميع الأذواق ، أمثال قول الله تعالى : ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا ﴾ [11] ، [12] .
واو ـ كما و لا بُدَّ من الإشارة إلى إن النعم المعنوية التي ذكرها القرآن الكريم جزاءً لأهل الجنة لهي في مذاق الأبرار أعظم من الأنهار و العيون و الأشجار ، و هي نعم عامة كرضوان الله ، و ما عبَّر عنها بالفوز العظيم ، و غيرها من النعم المادية و المعنوية هي نعم غير متناهية و ليست فيها أية شائبة تخصصها ، و أمثلة ذلك كثيرة جداً ، نذكر منها بعض النماذج فقط :
قال الله تعالى : ﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [13] .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [14] .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 107 ، الصفحة : 331 .
[2] القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 1 ، الصفحة : 359 .
[3] الكافي : 8 / 173 .
[4] القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 192 .
[5] مستدرك الوسائل : 4 / 66 .
[6] الكافي : 1 / 532 .
[7] بحار الأنوار : 18 / 232 .
[8] القران الكريم : سورة الواقعة ( 56 ) ، الآية : 20 و 21 ، الصفحة : 535 .
[9] القران الكريم : سورة المرسلات ( 77 ) ، الآيات : 41 - 43 ، الصفحة : 581 .
[10] القران الكريم : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 11 ، الصفحة : 268 .
[11] القران الكريم : سورة النبأ ( 78 ) ، الآيات : 31 - 36 ، الصفحة : 583 .
[12] و لمزيد من التفصيل أنظر الآيات : 10 – 40 من سورة الواقعة
[13] القران الكريم : سورة الزخرف ( 43 ) ، الآيات : 68 - 73 ، الصفحة : 494 .
[14] القران الكريم : سورة يونس ( 10 ) ، الآية : 26 ، الصفحة : 212 .[/size][/color]
الإسلام دين عالمي و ليس ديناً عربياً :
من يتدبر القرآن الكريم يجد التأكيد القرآني على عالمية الدين الإسلامي و الرسالة المحمدية قوياً جداً ، إلى جانب ما تؤكده الأحاديث الشريفة من أن الله عَزَّ و جَلَّ قد أرسل رسوله النبي محمد المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ـ كما أرسل القرآن ـ إلى العالمين أيضاً ، و ليس للبشر خاصة ، و إليك نماذج من هذه النصوص :
قال الله تعالى : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [1] .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [2] .
الأحاديث الشريفة تؤكد عمومية الخطاب الإلهي :
أما الأحاديث الشريفة التي تصرح بعمومية الخطاب القرآني و الشريعة المحمدية فكثيرة هي أيضاً ، و إليك نماذج منها :
قال الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) ـ في خطبة له في يوم الجمعة ـ : " ... وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه و آله ) عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ خِيَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، اخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ ، وَ اصْطَفَاهُ لِوَحْيِهِ ، وَ ائْتَمَنَهُ عَلَى سِرِّهِ ، وَ ارْتَضَاهُ لِخَلْقِهِ ، وَ انْتَدَبَهُ لِعَظِيمِ أَمْرِهِ ، وَ لِضِيَاءِ مَعَالِمِ دِينِهِ ، وَ مَنَاهِجِ سَبِيلِهِ ، وَ مِفْتَاحِ وَحْيِهِ ، وَ سَبَباً لِبَابِ رَحْمَتِهِ ، ابْتَعَثَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ، وَ هَدْأَةٍ مِنَ الْعِلْمِ ، وَ اخْتِلَافٍ مِنَ الْمِلَلِ ، وَ ضَلَالٍ عَنِ الْحَقِّ ، وَ جَهَالَةٍ بِالرَّبِّ ، وَ كُفْرٍ بِالْبَعْثِ وَ الْوَعْدِ ، أَرْسَلَهُ إِلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ بِكِتَابٍ كَرِيمٍ ... " [3] .
و روى الإمام الحسين بن علي ( عليه السَّلام ) عن أبيه أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) ـ في حديث طويل يشرح فيه فقرات الأذان ـ أنهُ قَالَ : " ... وَ أَمَّا قَوْلُهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ، يَقُولُ أُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ نَبِيُّهُ وَ صَفِيُّهُ وَ نَجِيبُهُ أَرْسَلَهُ إِلَى كَافَّةِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿ ... بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [4] ، [5] .
و رُوِيَ عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه و آله ) إِلَى الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ ... " [6] .
و رُوِيَ عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السَّلام ) أنهُ قال ـ في حديث طويل ـ : " وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ ... " [7] ، إلى غيرها من الأحاديث الكثيرة .
من شبهات خصوم الإسلام ضد عالمية الخطاب القرآني :
منذ عقود من الزمن و خصوم الإسلام و أعدائه يجهدون في إثارة الشبهات ضد عالمية الدعوة الإسلامية و التشكيك في شمولها لجميع أفراد البشر ، في محاولة لتصوير الدين الإسلامي ديناً خاصاً بالعرب ، بل بالذين كانوا يعيشون في الجزيرة العربية حين نزول القرآن ، كل ذلك لأجل حصر الدين الإسلامي في حدود إقليمية أو قومية ـ أو غيرها من الحدود الضيقة ـ منعاً من انتشاره و الحيلولة بينه و بين شعوب العالم و منع هذه الشعوب من أن تتعرف على أفكار هذا الدين و رؤاه النيرة .
و من هذا المنطلق فهم يطرحون الشبهات الواحدة تلو الأخرى ، فتارة نجدهم يقولون : لماذا أنزل الله عَزَّ و جَلَّ القرآن الكريم باللغة العربية ؟ أ ليس هذا دليلاً على أن الإسلام دين يخص العرب فحسب ؟!
و تارة نجدهم يشككون في عالمية الدعوة الإسلامية بقولهم : إذا كان الدين الإسلامي ديناً عالمياً شرعه الله جَلَّ جَلالُه للبشرية جمعاء كما تقولون ، فلماذا نجد الصبغة العامة لآيات القرآن الكريم هو الاهتمام بالانسان العربي و بكل ما هو موضع اهتمامه ، و خاصة بالانسان العربي الذي كان يعيش في الجزيرة العربية عند بدأ الدعوة الإسلامية و انتشارها ؟!
و نجدهم يحاولون إثبات مُدَّعاهم من خلال قولهم : عندما يتحدث القرآن عن نعيم الجنة فلماذا يتحدث عن الأشياء التي كانت موضع اهتمام أو طموح من كان يعيش في الجزيرة العربية الجرداء التي كان الماء و الشجر و الفواكه فيها عملة نادرة و عزيزة ، حيث نجد القرآن يتحدث عن الجنات التي تجري من تحتها الأنهار ، أو يتحدث عن النساء بصورة عامة ، و عن حور العين ـ بأوصافها الخاصة ـ بصورة مركزة ، و هي من الأمور التي كانت موضع إهتمام العرب آنذاك ، أما غير العرب من الذين كانوا يسكنون الشامات و جنوب أوربا و مصر و غيرها من البلاد العامرة الغنية بالثروات الزراعية ، و المياه و الأنهار ، و المأكولات الشهية ، و النساء الحسناوات ، و غيرها من مظاهر الترف و الزينة و الرفاهية ، فقد لا تكون وعود القرآن الكريم ـ الجنة و نعيمها ـ شيئاً جديداً بالنسبة لهم ، و قد لا ينال منهم اهتماماً كبيراً ، فأ ليس هذا دليلاً واضحاً على أن الإسلام و القرآن خاص بعرب الجزيرة العربية ، حيث أنهم المقصودون في القرآن دون غيرهم من الأمم و الشعوب ، خاصة المتحضرة منها في عصرنا الحاضر ؟!
ردنا على هذه الشبهات :
أما ردنا على هذه الشبهات ـ بصورة مختصرة ـ فيكون من خلال الإجابات التالية :
ألف ـ إن ما جاء في القرآن الكريم من ذكر أنواع النعم التي أعدها الله عَزَّ و جَلَّ للمؤمنين و المؤمنات في الجنة جزاءً لهم على حُسن أعمالهم كالأشجار المثمرة و الفواكه و اللحوم و النساء ، و الولدان المخلدون ، و غيرها من النعم التي ذكرها القرآن بأوصاف خاصة ليست الا من باب ذكر النماذج فقط .
باء ـ مضافاً إلى أن النعم المذكورة في القرآن و المشار اليها في السؤال هي نعم و مواصفات يلتذ منها عامة الناس و غالبيتهم ، و ما يُصوره البعض من أنها ليست مما تنال إهتمام الجميع ليس صحيحاً ، فالانهار و العيون و الأشجار و الزرع و النخيل و الأعناب و العيون السوداء مما يرغب فيه جميع الناس و ليست من مختصات بيئة خاصة .
جيم ـ كما و أن وصف نعيم الجنة الوارد في القرآن إنما جاء في الغالب بألفاظ عامة و شاملة من دون تحديد كالأمثلة التالية :
قال جَلَّ جَلالُه : ﴿ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [8] .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [9] ، إلى غيرها من الأمثلة العامة الكثيرة ، فقد ذكر القرآن الأطعمة و الأشربة بصورة عامة في الغالب ، و مثل لها ببعض الأمثلة ليتلمسها المستمع القريب أيضاً .
دال ـ مضافا إلى أن الفواكه المذكورة كالأعناب و النخيل ليست خاصة بالجزيرة العربية وحدها ، فالعنب ينمو في أكثر نقاط الكرة الارضية ، و النخيل ينمو و يثمر في رقعة واسعة من العالم و لا يختص بالجزيرة العربية ، فالعراق و إيران و الخليج و شمال أفريقا ، و مناطق من الشام و فلسطين و جنوب اوربا ، و غيرها من البلاد هي مواطن طبيعية للنخيل .
كما و أن القرآن يتحدث أيضا عن مطلق النبات و الزرع في كثير من الآيات قبل و مع و بعد التحدث عن الأعناب و النخيل .
قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [10] .
كما و أن الزيتون و الرمان كذلك ينموان في مناطق كثيرة من العالم كأسبانيا و اليونان و غيرها و لا يختصان بالجزيرة العربية ، كما هو واضح .
هاء ـ هذا مضافاً إلى أن الله عَزَّ و جَلَّ ذكر في القرآن الكريم أنواعاً أخرى من النعم الكثيرة ـ غير الفواكه و الأنهار و ما شابههما ـ بأوصاف غير محددة بحيث تشمل نعماً تتوافق مع جميع الأذواق ، أمثال قول الله تعالى : ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا ﴾ [11] ، [12] .
واو ـ كما و لا بُدَّ من الإشارة إلى إن النعم المعنوية التي ذكرها القرآن الكريم جزاءً لأهل الجنة لهي في مذاق الأبرار أعظم من الأنهار و العيون و الأشجار ، و هي نعم عامة كرضوان الله ، و ما عبَّر عنها بالفوز العظيم ، و غيرها من النعم المادية و المعنوية هي نعم غير متناهية و ليست فيها أية شائبة تخصصها ، و أمثلة ذلك كثيرة جداً ، نذكر منها بعض النماذج فقط :
قال الله تعالى : ﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [13] .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [14] .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 107 ، الصفحة : 331 .
[2] القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 1 ، الصفحة : 359 .
[3] الكافي : 8 / 173 .
[4] القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 192 .
[5] مستدرك الوسائل : 4 / 66 .
[6] الكافي : 1 / 532 .
[7] بحار الأنوار : 18 / 232 .
[8] القران الكريم : سورة الواقعة ( 56 ) ، الآية : 20 و 21 ، الصفحة : 535 .
[9] القران الكريم : سورة المرسلات ( 77 ) ، الآيات : 41 - 43 ، الصفحة : 581 .
[10] القران الكريم : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 11 ، الصفحة : 268 .
[11] القران الكريم : سورة النبأ ( 78 ) ، الآيات : 31 - 36 ، الصفحة : 583 .
[12] و لمزيد من التفصيل أنظر الآيات : 10 – 40 من سورة الواقعة
[13] القران الكريم : سورة الزخرف ( 43 ) ، الآيات : 68 - 73 ، الصفحة : 494 .
[14] القران الكريم : سورة يونس ( 10 ) ، الآية : 26 ، الصفحة : 212 .[/size][/color]
رد: الإسلام دين عالمي و ليس ديناً عربياً
تم تغيير النص للون الازرق بدل الاحمر..حفاظاً على عيون الحلوين
hayder- مشرف المنتدى الاسلامي
-
عدد الرسائل : 395
تاريخ التسجيل : 11/09/2007
رد: الإسلام دين عالمي و ليس ديناً عربياً
شكرا على الموضوع
iRaQi- نجم نجوم المنتدى
-
عدد الرسائل : 566
العمر : 36
المزاج : oK
تاريخ التسجيل : 09/09/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى